السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مائدتي الرمضانية اليكم
نص فاخر
يقدم على طبق خفيف وشهي
وأرجو أن يعجب الجميع
ويحمل حرف متعة واستفادة
لكل الأصدقاء
ويكون عند حسن ظن الجميع بما يقدم
وعند مائدة أذواقهم
حروف من الأدب العالمي .. او العربي المحلي
حيث كان لبعض الأدباء في جميع أنحاء العالم بصمات خاصة في كتاب الأدب العالمي الرائع ..
وكل يوم نص جديد
انشاء الله باذنه تعالى اترافق واياكم في رمضان
وكل ليلة نص جديد
خفيف ولكن ممتع
احاول اختيار الأجمل والأكثر نقاء في الأدب العربي .. مشروطا بما اعرف دون شك
الادب هو غذاء الروح ولغتها
تغزلنا في عمق
تحملنا للاخرين
وتحملهم الينا
تربطنا بمن كانو يوما مكاننا ..
وقد توصلنا لاخرين
ياتون بعدنا
أختكم فاطمة .
نص فاخر ..يستحق أن يقرأ ..
1 - الرجل الذي تخونه الأبواب / بقلم : القاص السعودي : منصور العتيق
( الأبواب تخونني يا دكتور، تعبث بي عبثاً سخيفاً لا يطاق، أفتح باب مكتبي فأدخل حماماً عمومياً أو نادياً للبولينج. أفتح باب منزلي فأدخل مصنعاً أو مسجداً أو شقة وضيعة. لم تعد الأبواب تفضي إلا إلى مزيد من الحيرة والطرق الخاطئة. حتى باب عيادتك يا دكتور لم يكن سوى باب بريء لمنزل أحد الأصدقاء. أما وقد وجدت نفسي أمامك، فمن الأسلم أن أروي الآن كل شيء. قد لا تتكرر الفرصة كما ترى!
بدأ الأمر بالأمس. وقد حدثت نفسي أنني لو دخلت دورة المياه المخصصة للسيدات فلن يكلف الأمر أكثر من اعتذار بسيط والخروج. حدثت نفسي أن المرأة التي تسوي زينتها أمام المرآة ستنتبه إلى خطئي المفترض وتبتسم. حينها سنصبح أصدقاء وقد أدعوها على العشاء في المساء ذاته. أعرف أن ترتيبها هكذا يجعلها صدفة وقحة لكنها صدف تحدث كثيراً في السينما. وأنا حدثت نفسي مرة أن أحد صدف الأفلام الجميلة قد تحدث لي يوماً ما. لكن يبدو أن حكايات الأفلام كلها لن تحدث لي مطلقاً. كما ستعرف لاحقاً يا دكتور.
الذي حدث أن باب دورة المياه كان خائناً. دخلت ولم أجد الشابة تسوي زينتها أمام المرآة. وجدت نفسي في دورة مياه الرجال، المكان المألوف الذي لا أريده. المرايا كانت تضحك شامتة وعامل نظافة كان يتجول ويغني. خلفي دخل رجل يبدو أن الباب لم يخونه. إذ لم يتوقف حائراً مثلي واندفع مباشرة للحمام الأول وهو يصفر لحناً صفيقاً. شعرت بالحقد الغليظ تجاهه وأنا أدرك أنني وقعت وحدي في الشرك لم أدخل سوى دورة المياه المخصصة للرجال. حيث لن ينتظرني أحد، وحيث يجب أن أغني وأصفر وأتجاهل خيانة الباب.
... والحياة أبواب يا دكتور. سلسلة طويلة من الأبواب، متاهة. إذا خانك الباب الأول فسينتهي العمر في دوامات خيانات لا تنتهي. عندما تدخل الباب الخطأ في بدايات حياتك فانا أقول لك، منذ الآن، أن بقية حياتك لا معنى لها. لو أنك تحمل الاسم الخطأ مثلاً، الاسم الذي لا ينبغي لك أن تحمله. فأنا أشعر بالأسى تجاهك. لأن الباب الوحيد الذي لم يكن لك الحق في اختياره قد اختير لك بطريقة سيئة. لأن بدايتك تشبه دخولك بصخب حفلة لست مدعواً لها. الأمر الذي سيدفع المدعوين إلى التوقف والتحديق فيك بدهشة: ما الذي أتى به؟ وماذا يريد؟
الأمر أكثر سوءً لو أنك أحببت المرأة الخطأ. وأكثر سوءً لو أنك تزوجتها! لن يعني هذا فقط، أنك سرقت باباً يخص رجلاً غيرك، إنما يعني دائماً، أن الرجل الذي سرقته سيضطر إلى سرقة باب لا يخصه. وهكذا ستتداخل الأبواب، وتعرف في آخر حياتك، عندما تجلس وحيداً وتشكو لنفسك أمراض المفاصل والكوليسترول ودسك الظهر، أي فوضى تسببت فيها.
بالنسبة لي، لقد ساء الأمر، ساء تماماً. فتحت باب مكتبي صباحاً وإذا بي أدخل منزل رحمة (رحمة اسم أم زوجتي السابقة، بدأت أناديها باسمها منذ الانفصال) لم ألق التحية، ولم أبدأ الحديث عن الأبواب الخائنة إلا ورحمة ترحب بي، وتقول أنها تعرفني عاقلاً لن أعطي فرصة للشيطان ولا للعب العيال. فوجئت تماماً يا دكتور. كنت قد رضيت بالطلاق بعد أن آمنت أن زواجي لم يكن سوى باب خائن آخر. رحمة لم تعطني الفرصة. رحبت وفرشت الأرض بلسانها وقدمت القهوة والحلوى المنزلية. ونادت زوجتي السابقة قائلة: لقد جاء للصلح! وزوجتي لم تعطها فرصة أيضاً، جاءت في كامل زينتها ومكياجها وقدمت العصير بنفسها. خرج الأمر تماماً من يدي كما ترى!
مساء، بدأت أتحكم في الأمر شيئاً فشيئاً. الناس يعقدون صداقات محدودة مع أبوابهم. يعلقون عليها صورهم الثمينة وحروفاً لأسماء حبيباتهم وبعض تذكاراتهم ومعاطفهم. المتحضرون والمؤمنون يحبون أبوابهم ويبدلون ملابسهم خلفها بامتنان ويسندون ظهورهم عليها حال البكاء. والذين يدلفونها بصخب ويصفقونها خلفهم (مثلك يا دكتور، ومثل رحمة) هم حمقى سيعاقبهم الله بباب جهنم ولا شك! مشكلتي أنني فهمت كل هذا متأخراً. بدأت أعقد صداقتي الخاصة مع الأبواب. أطرقها مراراً فتشعر بالأهمية والوزن. أفتحها بهدوء وأتأكد. بدأ الأمر يفلح أخيراً. بدأت أصل إلى وجهتي الصحيحة. وإذا حدث وخانني أحد الأبواب فإنني أعاقبه ولا أعود إليه مرة أخرى. هكذا بدأت المياه تعود إلى مجاريها.
وأنا الآن، أمامك، يا دكتور لإثبات كل شيء. قرأت على بابك: (الدكتور فلان، طبيب نفسي). طرقت الباب بلطف. وفتحته بهدوء. ودخلت. فعلت كل شيء كما ترى. وقلت كل ما أملك دفعة واحدة. إذا طلبت مني الجلوس وسألتني الأسئلة المعتادة السخيفة. فسيعني هذا أن الأمور في نصابها الصحيح. وأنني دخلت بالفعل عيادة نفسية. وأن الأبواب منحتني ثقتها مرة أخرى. أما إذا تحولت يا دكتور، بقدرة قادر، إلى مدير عام، أو عامل مصبغة، أو حتى رئيس دولة. أو حتى رحمة. فسيعني هذا أشياء أخرى.
سيعني هذا أن الأبواب تنتقم مني، تضطهدني، ربما فتحت منذ زمن باباً لا يخصني. ربما هي زوجتي، وظيفتي، مكان قضاء إجازتي الأخيرة المملة، تخصصي في الجامعة، نوع سيارتي، جريدتي المفضلة أو حتى اسمي. الذنب ليس ذنب الأبواب. أنا الذي فتحت الباب الخطأ. قد يكون هذا في طفولتي كما قد يكون بالأمس. وأنا أكرر الخطأ الآن. الأمر يبدو لي متاهة وأبواباً خائنة. لكنني أعترف الآن: لا ذنب للأبواب فيما يحدث. هي تعاقبني عقاباً طبيعياً فحسب. الوحدة تخونني، التوحش يخونني، والشابة التي تسوي زينتها أمام مرآة في دورة مياه النساء تخونني، لكن الأبواب لا تخونني.. )
مثل كل صباح، سيطلب الرجل الجالس خلف المكتب من الرجل الذي تخونه الأبواب الجلوس. سيرفع سماعة الهاتف قائلاً باقتضاب: تعال. سيدخل رجال الأمن ليقتادوا الرجل الذي تخونه الأبواب. سيدخل في إثرهم السكرتير معتذراً: آسف يا سعادة المدير. دخل بسرعة ولم أره.
وسعادة المدير طيب جداً. إذ أنه في كل صباح يسمع كل كلام الرجل الذي تخونه الأبواب بانشراح وتفهم. وكل صباح يستدعي رجل الأمن العتيد ويسامح السكرتير على تقصيره. وكل صباح يأتيه قرار اللجنة الطبية عن الرجل الذي تخونه الأبواب ( شيزوفرينيا. وفقدان ذاكرة مؤقت). ومع ذلك لا يصدر قراراً بفصله لعدم الكفاءة الصحية. مع علمه المسبق أن المشكلة ستتكرر، وأن الرجل سيقتحم عليه مكتبه في الصباح التالي صائحاً
اهلا من جديد
الموعد ما زال من مائدة باولو نختلس منه بعض شهيات حروفه في الاقلام والالام والنزعات البشرية المشرذمة .....
\
\
[
من الحكايا الجديدة للكاتب العالمى / باولو كويلو* ؛ ترجمة طلال فيصل ببعض التصرف .
ترويض الشعوب
هذا إجراء مُتبع عند مدربى السيرك ليضمنوا ألاّ تثور الفيلة ؛ وأظن أن هذا مايحدث لكثير من البشر .
عندما كان لايزال صغيراً ؛ يُقيد الفيل بحبل لعمود مُثبت جيداً فى الأرض . يحاول الفيل مرّات ومرّات ولكنه لايمتلك القوة الكافية ليحرر نفسه .
بعد عام .. مازال العمود والحبل موثقين بقوة كافية لتقييد الفيل .. ولكنه يستمر فى المحاولة - بدون نجاح - ليحرر نفسه .. فى هذه اللحظة .. يتيقن الفيل أن الحبل أقوى منه ويقلع عن المحاولة .
عندما يكبر الفيل .. لايزال يذكر كيف - ولفترة طويلة أضاع طاقته ومحاولة الهروب من الأسر .. عند هذه اللحظة .. يربطه المدرب بحبل رفيع إلى عصا مكنسة ؛ ولكن الفيل لايتحرك أبداً بأى محاولة للهرب .
المرأة الكاملة .
سأل رجل الكاهن نارسودين : ألم يسبق لك التفكير فى الزواج ياسيدى ؟!
( سبق لى ) أجاب نارسودين : ( فى شبابى كنت أبحث عن المرأة الكاملة ؛ عبرت الصحراء ووصلت إلى دمشق وقابلت إمرأة رائعة الجمال .. عذبة الروح .. لكنها لا تعرف شيئاً عن العالم ..
استكملت رحلتى ووصلت لأصفهان ؛ هناك قابلت إمرأة تعرف الكثير عن الروح وعن المادة .. لكنها قبيحة ..
قررت الذهاب للقاهرة ؛ وهناك تناولت العشاء مع إمرأة فى غاية الجمال والتدين وخبيرة بأمور الدنيا
بادره الرجل : ولماذا لم تتزوجها ياسيدى ؟!
رد الكاهن بحسرة : آه يا صديقى .. كانت بدورها تبحث عن الرجل الكامل !! .
الهم العام
كان زيزانج يبحث عن كونفوشيوس فى أرجاء الصين ؛ وكانت البلاد فى حالة اضطراب اجتماعى شديد ؛ وكان يخاف من أن تُراق الدماء ..
وأخيراً وجد مُعلمه جالساً تحت شجرة مستغرقاً فى التأمل ؛ فبادره القول : يا مُعلمى لقد علمتنى ألاّ أظل سلبياً ؛ وقلت أننى مسئول عن العالم .
سكت زيزانج هُنيهه ثم استكمل كلامه : أنا أصلى من أجل البلاد .
أجاب كونفوشيوس : بعد قليل سأذهب لأساعد رجُلاً يعيش فى ركن مجاور .. عندما نفعل مافى وسعنا .. نفيد الجميع .. عندما نسير خلف فكرة إصلاح العالم فحسب لا نساعد ولا حتى أنفسنا .. هناك ألف طريقة للعمل فى السياسة وليس بى حاجة لأن أكون فى الحكومة .
*
باولو كويلو كاتب عالمي استطاع الوصول إلى قلوب كل قرائه بروايته بالغة الاختلاف، وفائقة المتعة والفائدة.
ولد باولو في ريو دي جانيرو البرازيلية صيف سنة 1947. منذ طفولته كان يريد أن يكون كاتبًا، لكن والده المهندس كان يريده أن يصير مهندسًا. أدى هذا إلى إثارة روح التمرد في قلب الشاب باولو، فبدأ في خرق الأعراف المرعية في العائلة. سيعتقد أبوه أن الجنون قد أصابه وسيدخله إلى مستشفى المجانين أكثر من مرة. ثم بعد فترة قصيرة من ضبط النفس عاد باولو مجددا إلى حياة الرفض فانظم إلى حركة الهيبز التي كانت شائعة أنذاك. سيتعاطى المخدرات وسيؤسس جمعية تعارض النظام الحاكم وتمارس السحر الأسود. وبسبب ذلك وكلمات أغاني الروك التي كان يكتبها سوف يسجن.
ثم بعد حياة متقلبة بين النجاح والاخفاق سيقرر باولو أن الوقت قد حان ليحقق أسطورته الشخصية في أن يصير كاتبًا. لذلك، وبحسب التقليد الذي ينتمي إليه، سوف يبدأ سنة 1986 رحلة الحج نحو مزار دي كومبو ستيلا في الشمال الاسباني انطلاقا من فرنسا. بعد ذلك سيكتب تجربة حجه في رواية وينشرها سنة 1987 ثم في السنة الموالية سينشر رائعته الخلابة الخيميائي. وستتوالى لاحقًا رواياته الرائعة غير الخالية أبدا من الحكمة.
الأروع في كتابات باولو هو أنها تعتمد إلى حد كبير على سيرته الذاتية، ولعل ذلك أحد أسباب نجاحها الكبير والصدى الذي تلقاه دوما في صدور القراء